لا للمخدرات.. نعم للحياة.. المخدرات آفة كل زمان ومكان
إن جرائم المخدرات من أخطر الجرائم التي تواجهها المجتمعات في جميع أنحاء العالم، لما لها من تداعيات وآثار سلبية على المجتمع برمته، فليس المدمن وحده من يتلظى بنار هذه الجمرة الخبيثة، إذ إن ارتداداتها تبدأ من الدائرة الاجتماعية الضيقة المحيطة بالمتعاطي، لتتوسع إلى الدائرة الأكبر ناشرة أضرارها ومخاطرها في المجتمع.
الإدمان يودي بالشخص إلى الاعتلال بأمراضٍ خطيرةٍ تذهب بصحته الجسدية، ناهيك عما تتسبب به من اضطرابات نفسية وعقلية لها أضرارها المباشرة على الأسرة، الأمر الذي يؤدي إلى انهيار وتفكك هذه المنظومة التي تعد نواة المجتمع، عدا عن تبعاتها في ارتفاع معدلات الجريمة من (قتل وسرقة واغتصاب...) وانتشار الأمراض المعدية (كالإيدز وفايروس التهاب الكبد الوبائي..)، إضافة إلى المشاكل الاقتصادية وانعدام الاستقرار والأمان.
على الرغم من إدراك العالم بأسره لمخاطر المخدرات، وعقد العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي من شأنها مكافحة هذه الآفة الفتاكة، إلا أن هذه المحاولات لم تتمكن بعد من الحد من انتشارها، ولاتزال أدنى من المستوى المطلوب لمواجهة ما تفرضه المخدرات من تحدياتٍ كبيرة، بدءاً من الاتجار والترويج، وليس انتهاءً بالتعاطي والإدمان، بل بسائر المنعكسات السلبية على المجتمعات.
فيما يتعلق بهذه الآفة على المستوى المحلي، أي في سورية، فإننا نلحظ خلال السنوات الماضية "سنوات الحرب" ان تجارة الموت لم تقتصر على القتل والتدمير ونشر ثقافة الإرهاب، حيث كان لتجار المخدرات دورٌ تخريبيٌ من نواحٍ عدّة، إذ عملوا على استغلال الظروف القاسية التي عصفت بالبلاد، والتي خلقت الفرصة الذهبية لرواج تجارتهم الدنيئة، لاسيما مع وجود الداعمين الإقليميين والدوليين لهم.
ومع تزايد نشاط تجارة المخدرات انتشرت ظاهرة التعاطي والترويج بين بعض الفئات في المجتمع السوري، فالبعض يرى في عملية التعاطي متنفساً له ومَهرباً من واقع يعانيه، بينما البعض الآخر يرى فيها مصدراً للكسب غير المشروع بسبب تردي الأوضاع المعيشية، وكلا الأمرين مردهما إلى الحرب الإرهابية التي شُنت على سورية، والتي كان أحد أهدافها تدمير بنية المجتمع السوري، وزعزعة منظومته الأخلاقية، وهذا يضعنا أمام مسؤولياتٍ جمّة تحتاج لتضافر الجهود على المستويات كافة لمكافحة المخدرات (تجارةً وترويجاً وإدماناً) للحد من تلك الظواهر التي لم تكن إلا واحدة من مفرزات الحرب وتداعياتها الهدامة.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه، وعلى الرغم من ازدياد ظاهرة المخدرات والاتجار بها، إلا أنها لم تصل لمرحلة التفشي داخل المجتمع، كما أن سورية لا تزال بلد عبور فحسب، وتعد وفق التصنيف الدولي بلداً نظيفاً من زراعة وصناعة المخدرات.
ومع الحديث عن المخدرات ومخاطرها لابد من الاطلاع على رؤية المُشرع السوري في هذا الإطار..
فكيف تعاطى القانون مع جرم المخدرات؟
إن المشرع السوري اعتبر حيازة المواد المخدرة وزراعتها وتصنيعها بكافة الأشكال من الجرائم الشديدة الخطورة على المجتمع فوصلت العقوبة في قانون المخدرات في كثير من الحالات إلى الاعدام فكانت الحيازة لجوهر المادة المخدرة بحد ذاتها جرماً خطيراً تتغير اوصافه القانونية تبعاً لاسباب الحيازة وتتنوع العقوبة في شدتها تبعاً لذلك لان المادة المخدرة ووجودها بين أيدي الناس لايمكن إلا ان تؤدي إلى تخريب في البنيان المجتمعي وهدم للعلاقات الانسانية ومن هنا نظر المشرع السوري إلى الانسان بكثير من الاهتمام فاعتبر أن الردع يكون بحمايته ومساعدته على عدم الغوص في مخاطر تعاطي هذه المادة لذلك اخذ بنظرية مزدوجة ففي ذات الوقت الذي يعاقب على الحيازة بقصد التعاطي فإنه يعفي المدمن الذي يخضع للعلاج من العقاب وهذا نهج قويم يجعل الباب مفتوحاً لعودة الانسان لحياته الطبيعية فيما اذا جنح نحو مستنقع المخدرات القذر.